من سكون الصمت إلى يقظة المراقبة إلى شغف الشروع في التغيير وأخيراً, ثورة التغيير نفسه. كم هي سعادتي بكتابة افتتاحية هذا العدد الخاص للمجلة الإلكترونية الشابة الواعدة بمستقبل مشرق – بمشيئة الله تعالى- ترسم بسمة الأمل في غد طال انتظاره.
العالم أجمع يشهد قفزات متلاحقة وتيارات جارفة في تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في معظم الأنشطة الحياتية والممارسات العملية على كافة التخصصات الموضوعية والمجالات المهنية.
وهكذا أثمر الاهتمام العالمي عن تنظيم قمة عالمية لمجتمع المعلومات يتولى رعايتها الاتحاد الدولي للاتصالاتInternational Telecommunications Union (ITU) على مرحلتين مرحلة أولى تعقد في جنيف في الفترة 10-12 ديسمبر 2003م, ومرحلة ثانية في تونس خلال الفترة 16-18 نوفمبر 2005م.
وقد انتهت المرحلة الأولى بمشاركة أكثر من 1000 مشارك (176 دولة حضر منهم 50 زعيم ورئيس وملك, 3300 ممثل للمجتمع المدني و500 من ممثلي القطاع الخاص و87 منظمة دولية و1000 مراسل) وصدر عنها وثيقتان هما "إعلان المبادئ" و"خطة العمل", وسوف تعقد المرحلة الثانية لمتابعة تنفيذ الوثيقتين من قبل أصحاب المصلحة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية مع اهتمام خاص بالتحديات التي تواجهها أقل البلدان نمواً, هذا إلى جانب النظر في موضوعين مهمين هما: الإدارة المالية , وإدارة الإنترنت واتخاذ الإجراءات المناسبة لكل منها.[1]
ويكمن الهدف من القمة في بناء مجتمع معلومات جامع وشامل يهدف إلى تنمية المجتمعات ومحاربة الفقر والجهل وإقرار حق النفاذ إلى كل فرد في المجتمع لاستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والشفافية في إتاحة المعلومات.
غالباً ما ينجح الباحثون في تشخيص حالات الفقر المعلوماتي التي تبدو جلية لهم أثناء مرحلة البحث العلمي الجاد بدءا بالتجميع السليم لأدبيات الموضوع وفحصها فحصاً صحيحاً والحكم عليها وتقييم مضمونها ودرجة الثقة في الاعتماد عليها والاقتباس منها. لذلك تبدو الصورة المعلوماتية بكل معالمها وملامحها ظاهرة بوضوح لهم.
كما يستطيع المكتبي النشط الواعي لعمله والمهتم بأدائه على أكمل وجه, وخاصة القائمين على الخدمة المرجعية أو الرد على الاستفسارات في إصدار أحكام مبنية على الخبرة العملية فيما يخص حالات الفقر المعلوماتي التي تعانيها مصادر المعلومات المرجعية في الكثير من الموضوعات نتيجة لضعف التأليف والنشر في مجالها أو لعدم الاهتمام بدقة محتوياتها أو لافتقادها لسياسة خاصة لتحديث بياناتها.
والسؤال المطروح هو: هل يمكن لمجتمع المعلومات القضاء على الفقر المعلوماتي ؟ أم علينا البدء في محاربة الفقر المعلوماتي من أجل إنجاح مشروعات وخطط مجتمع المعلومات؟
فاقد الشيء لا يعطيه, نعم إنها حقيقة ستظل الصورة المعلوماتية -وللأسف الشديد- المتاحة عن مجتمعاتنا غير واضحة المعالم يكتنفها الغموض في الكثير من جوانبها ولا تعكس الواقع. حيث يؤخذ على الكثير من مجتمعاتنا عدم اهتمام مؤسساتها باستكمال نماذج جمع البيانات والمعلومات اللازمة لوصفها وتحقيق هويتها في الأدلة والإحصائيات العالمية وغيرها من أدوات الحصر والقوائم الإقليمية والدولية.
إنها دعوة لمجتمع المكتبات والمعلومات العربي للبدء في تجميع مقاطع صورة معلوماتية حقيقية بالأرقام والحقائق ننطلق من خلالها للعالمية بمشروعات عربية مشتركة تستهدف غد مشرق لمواطن عربي أكثر وعياً بأهمية وقيمة المعلومات.
واختتم الافتتاحية بخبر سعيد طال انتظاره وهو اعتماد الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات بالتعاون مع إدارة المعلومات والاتصالات بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تشكيل لجنة عربية للتمثيل الدولي للمكتبيين العرب في المرحلة الثانية للقمة العالمية لمجتمع المعلومات برئاسة كاتب هذه السطور.
أ.د.شريف كامل شاهين
تونس في 5 مارس 2005م
تونس في 5 مارس 2005م
[1] التقرير الختامي للاجتماع التحضيري (الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمرحلة تونس) ,تونس 24-26 يونيو 2004 (الوثيقة WSIS-II/PC-1/DOC/6-A ) ص2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق